جريمة أم دمنة

 نيرمين الشوادفى
طفلة رضيعة لم يتجاوز عمرها الأشهر الثلاثة فجأة توقف بها قطار العمر في أولى محطاته ،وفى لحظة خاطفة من عمر الزمن راحت الطفلة البريئة ضحية ولكن ؟ لوالدتها التي حملتها داخل أحشائها 9 اشهر كاملة وليكتب القدر للطفلة أن تكمل بقية عمرها في عالم آخر بعيد كل البعد عن قسوة البشر

تفاصيل الواقعة المؤلمة جسدتها ألام عندما ألقت بطفلتها الرضيعة من شرفة منزلها بالطابق الرابع ولكن ما الذي يدفع أم لارتكاب هذه الجريمة البشعة في حضن فلذة كبدها ؟ وهل يمكن أن تتخلى عن مشاعر الأمومة في لحظة واحدة ؟ الإجابة على هذه التساؤلات مريرة ولكنها حقيقية واقعة ألمت بالأم في إدمانها المخدرات وراحت طفلتها ضحية لإحدى نوبات الهياج التي أصابتها في نعدها عن المخدر
نسرين السيد الناغى ألام المتهمة بقتل طفلتها تروى قصتها قائلة : تزوجت بعد حصولي على دبلوم التجارة وكنت مازلت في الثامنة عشر من عمري رحلة عذابي التي لا اعلم متى ستنتهي ؟ بعد فترة قصيرة من الزواج بدأ زوجي يكشف عن وجهه القبيح وعصبية الزائدة ولكن مع الوقت كان زوجي يزداد وحشية حيث كان يتعمد ضربي واهانتى أمام أسرته ويغتصب أموالى لينفقها على نفسه ومظهره فقط ثم كانت اللطمة الكبرى عندما اكتشفت بالصدفة زواجه من أخرى وانه كان يأخذ أموالى ويحرم أولادي لينفقها على زوجته الجديدة فأصبت بحالة شديدة من الانهيار العصبي ولم يكن امامى سوى أن أغادر المنزل وطلبت الطلاق إلا أنهم لم يتركوني لشأني فقد جاء زوجي بصحبة والده واجبروني على توقيع إيصالات أمانة وتنازل عن اولادى وكذا والدتي التي امتثلت لهم ووقعت هي الأخرى خوفا على من بطشهم ، ومع هذا الوضع حرمني زوجي من رؤية أطفالي ، ومرت الأيام بطيئة لتمضى شهور العدة بعد انفصالي وأصررت بعدها على قبول أول من يطرق الباب للزواج منى لاننى كنت اعلم أنه يستطيع استعادة اولادى وإحضارهم لرؤيتي كلما أريد ولم اهتم بان والد زوجي الثاني معروف بتجارة المخدرات ولم تجد والدتي هي الأخرى بدا من الرفض بعدما أصررت على الزواج منه ولم أكن اعرف اننى بعنادي هذا قد حكمت على نفسي بالندم طوال عمري واكتشفت اننى تزوجت الشيطان نفسه ، ففي أحدى المرات وأثناء نومي فوجئت بأنني أتنفس شيئا غريبا وان هناك ما يخترق أنفى لأستيقظ من النوم لأجد زوجي الثاني يضع المخدر على أنفى لاستنشاقه وقد كنت اعلم انه يتعاطى المخدرات ونهرته بشدة ولكنه حاول التملص مدعيا انه يلهو معي ووعدني بأنه لن يكررها ولكنه عاود مرة أخرى واستيقظت على محاولته إعادة الكرة وعندما سألته عن سبب فعلته أكد لي انه دواء ليخفف من معاناتي والامى على فراق اولادى ولم أكن املك قوة المقاومة فقد هدني الحزن فدأب على اعطا ئى المخدر وكنت اشعر بالراحة فاستسلمت اضطررت للاستدانة التي عرفت معناها لأول مرة في حياتي واجبرني زوجي على الذهاب لشراء
أجهزة تليفونات من المحال التجارية بالتقسيط ليقوم ببيعها وإنفاق ثمنها على المخدرات وكنت اخجل من اولادى عندما يشاهدونني في هذه الحالة وظللت على ذلك الحال لا اعرف الأيام التي بعضها وأتمنى الموت على أن أعيش على تلك الحالة إلى أن جاءت طفلتي الصغرى للدنيا ، وكانت قرة عيني التي خففت عنى الكثير وكم دعوت الله
أن يشفيني لأجلها وحاولت كثيرا أن امتنع عن المخدر حتى لا يتسرب لجسدها الصغير لكن والدها كان لي بالمرصاد يترصدنى ويجبرني على العودة كلما حاولت الشفاء اضطررت لتخفيف لبنى وفطامها وبعد شهرين واستبداله باللبن الصناعي خوفا عليها فكيف اقتلها وهل هناك من يضحى بجزء منه أو يفرط فيه؟
حاولت الذهاب لوالدتي لكنها لفظتني بعدما علم الجميع بخبر ادمانى وكانت تنعتني (بالشمامة) وتكره اليوم الذي جلبت فيه العار لهم ولكني لم اشعر بأي كراهية تجاهها فقد كانت على حق وبعد دخول زوجي السجن أرسلت لها خطابا كي لا تتركني وحيدة ولم أجد معي ثمن الطعام وبالفعل جاءت واصطحبتني من عند احد معارفنا لنقيم معها في منزلها وننعم بحياتنا بعدما فرقتنا الأيام ولكن هيهات فالمخدر كان يجعلني كالمجنونة أهيم على وجهي وأظل اصرخ حتى احصل على الجرعة فعزمت والدتي على عزلي بمفردي وكنت قد قررت الانفصال عنهم هي وشقيقتي والصعود للإقامة بمفردي بأحد الغرف كنوع من العلاج في الابتعاد عن المخدر ولكن فوجئت عقب دخولي حجرتي أحدى المرات بان الباب قد أغلق على ، في بادي الأمر لم أعطى اهتماما ولكن طفلتي جاعت وبدأت في الصراخ وبعد أن نفذت رضعتها الوحيدة التي كنت قد أعددتها لها وظللت اطرق الباب ولم أجد من يلبى النداء واستمر بكاء الطفلة وزاد صراخي تذكرت لحظتها حياتي كلها بكل قسوتها ومعاناتي حتى طفلتي الصغيرة لم أستطيع حمايتها زاد صراخها وكان الألم يهزني فحاولت احتضان طفلتي بقوة وفجأة انتابتني حالة الدوار وأنا في الشرفة شعرت بعدم اتزان وزوغان البصر ، فجأة لم أجد طفلتي في احضانى انتبهت لأنظر لأسفل وجدتها ملقاة على الأرض ظللت اصرخ واهزى ولم يهتم بي احد عاودت للشرفة لأجدهم يحملون ابنتي ويستقلون بها أحدى السيارات فحاولت تحطيم الباب حتى نجحت في كسرة وهرولت مسرعة بعدما أكد لي الجيران أنهم اصطحبوها للمستشفى وبمجرد وصولي كانت الطفلة في أول حجرة ... أول ما طالعنى وجهها البريء الصغير شعرت أن عذاب الدنيا انصب على في هذه الحظه فقد كانت قد فارقت الحياة تركتني وحيدة لعذابي وألمي أواحة وحدي مصيري المتوم

 

المصدر:

   السبت 3/12/2005 – ص 24

 

عودة